Press
November 1, 2015
Al Araby: “Samar Yazbek, the Syrian Svetlana Alexievich”

Al Araby: “Samar Yazbek, the Syrian Svetlana Alexievich”

Mou’in Al Bayari, for Al Araby, October 16th, 2015

The Belarusian Svetlana Alexievich, journalist, meets with many people who witnessed the tragedy she writes about about. She gathers their testimonies, and creates out of an open collage a narrative. The result is not a novel in the usual sense of the term, nor is it a reportage or an investigation. It is a meeting of literature with journalism. It invoques reality, as it is, but with an elevated writing style, rich with words expressing both the intimate and the apparent. This is what this writer produced, in a nutshell, when she recounted the sufferings of the people of her Soviet country, including women and mothers, soldiers and victims. They speak, and become the heroes of these elegant texts, which Svetlana Alexievich managed to produce with a special sense of humanity. For this reason, the Swedish Academy awarded her the Nobel Prize for Literature, in honour of “a new kind of literature,” and her depiction of these “multiple voices, witnesses of pain and courage.”

As Arabs, we have many wars and tragedies, pain and defeats. Are there Arab writers who adopted this kind of writing? Very few (…) . However, it can be safely said, that the Syrian novelist, Samar Yazbek, has succeeded in writing two narratives that exactly accomplish what the Committee for the “Nobel” prize had noted regarding Alexievich: depicting “multiple voices to witness the pain and courage” is what both Yazbek’s books, “In the crossfire” and “The crossing” are about. [Her latest book] is a montage of a documentary, braided with the writer’s narrative of her presence between the Syrians (…) producing what can be considered an excellent investigative report, and at the same time a new type of literature that the Swedish Academy praised in Svetlana Alexievich. (…)
There is no other hero but death in the Syrian hell, and no other stories to tell, according to the Syrian Svetlana Alexievich, Samar Yazbek.

 

::   ::   ::   ::   ::   ::   ::   ::   ::   ::   ::   ::   ::   ::   ::   ::   ::   ::   ::   ::   ::   ::   ::   ::

تذهب البيلاروسية، سفيتلانا ألكسيفيتش، صحافيةً، إلى ناسٍ كثيرين من شهود المأساة أو الجائحة التي تكتب عنها. تجمع ما يروونه لها، وتدوّنه بأمانةٍ ولغةٍ حارّة، وتقيم بناء سردياً يلملم كولاجاً مفتوحاً، فلا يكون النص روايةً بالمعنى المعهود لهذا النوع الأدبي، ولا تقريراً أو تحقيقاً صحافياً، بل اجتماعاً للأدب بالصحافة، يحضر فيه الواقع، كما هو، ولكنْ بكتابةٍ رائقة، مشحونة بتعبير حيٍّ عن الجوانيّ، وعن الظاهر الصريح. هذا ما أنتجته هذه الكاتبة، في العموم، في كتبها، عندما انشغلت بأوجاع ناس بلادها السوفيات، ومنهم نساء وأمهات، وجنود وضحايا، وأفراد متعبون. يحكون، فيصيرون أبطال نصوصٍ تتحقق فيها شروط الكتابة الأنيقة، أنجزتها سفيتلانا ألكسيفيتش، بحسٍّ إنساني خاص. ولأنها فعلت ذلك، أعطتها، الأكاديمية السويدية، الأسبوع الماضي، جائزة نوبل للآداب، تكريماً لكتابتها “نوعاً جديداً من الأدب”، ولتصويرها “أصواتاً متعددة، شواهد على الألم والشجاعة”. ليس ثمّة بين ظهرانينا، نحن العرب، أكثر من الحروب والفجائع والآلام والجوائح والنكبات. هل من كتّاب عربٍ انصرفوا إلى هذا اللون من الكتابة، فأبدعت نصوصهم في الذي رأته الأكاديمية السويدية في أعمال ألكسيفيتش؟ جوابي إن كتاباً صحافيين عرباً، قليلين جداً إلى حد الندرة، أنجزوا نصوصاً من هذا القبيل، تميّز قليلٌ منها، غير أنه في الوسع الجهر، باطمئنان كبير، بأن الروائية السورية، سمر يزبك، نجحت كثيراً في كتابة عملين سرديين، يحققان، بالضبط، ما وقعت عليه لجنة “نوبل” لدى ألكسيفيتش، حيث “الأصوات المتعددة الشاهدة على الألم والشجاعة” هي ما نطالعها ناطقةً في كتابي يزبك “تقاطع نيران” (2012)، و”بوابات أرض العدم” (2015). هما نصان مفتوحان، ليسا روايتين، فيما الكاتبة روائية. في الكتاب الثاني الذي صدر، أخيراً، بالإنجليزية بعنوان “.. قلب سورية المحطم”، ثمّة مونتاج توثيقي، مضفّر بسرد الكاتبة عن نفسها، وهي بين السوريين الذين تُنصت إليهم في مدن وأرياف وقرى في الشمال، لمّا دخلت إليها، من الحدود التركية، وجالت هناك، وكتبت بحذاقة، وصاغت ما يمكن أن تعدّه تحقيقا صحافياً ممتازاً، كما رأى زميل، وفي وسعك أن تراه من ذلك النوع الجديد من الأدب الذي عاينته الأكاديمية السويدية في صنيع سفيتلانا. أما الكتاب الأول، والذي نقل إلى الألمانية والإنجليزية والإيطالية، وفاز بجائزة هارولد بنتر، فقد اشتمل على ما عاينته سمر يزبك في الشهور الأربعة الأولى للثورة السورية، في بانياس ودمشق وحمص وحماة وغيرها، واجتمعت فيه شهاداتُ ناس متنوعي المشاغل، بينهم ناشطون وأطباء وعسكريون نظاميون. ويسّر الكتاب اللافت سرديةً مشحونة بحرارةٍ ضافية، عن تفاصيل، لا تضيء فقط على سفالات النظام الغاشم وفظاعاته، بل أيضاً على أشواق شاسعة لدى السوريين في التحرّر من الاستبداد والتوحش. يُطلق ضابط في الجيش السوري النار على جسده ليصير غير قادر على تنفيذ أوامر بالقتل. تقرأ عنه في “تقاطع نيران”، وتقرأ عن غيره، وعن سمر يزبك نفسها التي يستهجن عسكري في مقرٍّ أمني تعاطفها مع الثوار، وهي العلوية. تضطر إلى إخفاء هذا الأمر في تجوالها في شمال سورية، عند إنجاز كتابها الثاني، بسبب تفشّي الطائفية والداعشية. يأتي الكتاب على هذا كله، وعلى ما ينطق به ناسٌ مقيمون وسط محدلة التمويت السورية الراهنة. يتوالى سردهم وسردٌ عنهم، من دون تسلسل، وتوضح سمر يزبك أنها لا تجيد السرد المتسلسل، فتكسر الزمن، كما تفعل سفيتلانا ألكسيفيتش، على ما صرنا نعرف. ثمّة زمنٌ وحيد هنا، هو زمن تحطم سورية وتذرّرها. هناك أم تروي عن خطف ابنها من حضنها ثم قتله، ثم مقتل ابنها الثاني، وقتال ابنها الثالث مع الثوار، وعن إعدام تسعةٍ من أبناء بلدتها، سراقب، أمام عينيها. وهناك موتٌ لا بطل غيرُه في الجحيم السوري، ولا قصص يرويها الناس سوى عنه، بحسب سفيتلانا ألكسيفيتش السورية، سمر يزبك.