In the absence of rules, and in this mortuary carnival, lives -or tries to live- Nizam. He is the product of social differences and of vagary. He is the Other. Nizam is the opposite of the Lebanese paradigm. Outside the constants, outside the fixed references, Nizam is a traveler of these compelling identities, a transient passerby, a mere spectator of history who does not try to take control, does not face its events, and in a perhaps deliberate naivete, mocks its absurdity.
A review by Melhem Chaoul, for An nahar. Below, the full Arabic review.
:: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
كتاب
”شريد المنازل” لجبور دويهي
مجتمع الحرب والنهاية المعلنة للأفراد”
هناك مدينة تنكسر، بيروت،
وهناك مدينة تتقوقع، طرابلس،
ومجتمع جبلي، ريفي، مسيحي، يستنفر و ربما يبادر إلى العنف.
مجتمعات لبنان ذاهبة إلى حروبها وإلى حروب الآخرين بشيء من عدم الإدراك وغيبوبة القاصرين عندما يلجون لعبة طالما حلموا بها. في المخزون الأكثر استبطاناً لدى “اللبناني” ذهنية “القمرجي”، هذا الذي يفكر في قرارة نفسه: ” آخذ كل شيء أو أزول من الوجود”.
وهناك خصوصاً هذه الجدارية النصيّة لتأسيس “مجتمع الحرب”، المجتمع العشوائي بامتياز، مجتمع يمتلك طاقة هائلة للانتقال من أزر الضوابط و الكوابح الاجتماعية إلى سلوكات بدون أي ضوابط.
وفي غياب الضوابط، في هذا الكرنفال المأتمي، يعيش “نظام” أو يحاول أن يعيش. إنه منتوج المفارقات والهجانة، هو الآخر نفسه، إنه النمط الأمثل (idéal type) للبناني معكوسا. خارج الثوابت، خارج المراجع المتشبثة، رُحلي بين ذوي الهويات الدامغة، عابر سبيل، متفرج على التاريخ، لا يتحكم به، لا يواجهه، وبسذاجة ربما مدروسة يهزأ من عبثيته.
مجتمع “نظام” ضدّ مجتمع الحرب!
ينتمي “نظام” في النهاية إلى عائلة شخصيات جبور دويهي، رضا الباز )عين وردة( و إيليا إبن كاملة ( مطر حزيران(، التي قررت إنقاذ نفسها من خلال مسارها الشخصي، الفردي؛ من خلال استراتيجية غير منمطة، يصوغها فرد تائه لا يريد أن يكون مثلاً لأحد ولا يمتثل بأحد.
يتقابل “نظام” مع زمر وجماعات تسير على سكك معدّة سلفاً، مقولبة في طقوس وسلوكات مستنسخة من تجارب بعيدة ومكيفة على إنصهار الفرد الكامل داخل الجماعة. خلية فرج الله الحلو التي تطمح إلى تحرير أعضائها من هيمنة الطبقة البورجوازية التي ينتمي اليها معظم هؤلاء الأعضاء، وإلى تحريرالمجتمع عامة من هيمنة المسيطرين والمستغلين، تبدأ مسيرتها التحررية هذه باحتلال منزل أولغا الروسية البيضاء وتأميمه في سبيل القضية. فلقد استبدل هؤلاء طقوساً بطقوس، أشكالا من السيطرة و الهيمنة بأشكال أخرى أكثر إيذاء لأنها تدعي تأمين سعادة الناس حتى بالرغم عنهم، حتى بترهيبهم وقتلهم. وسرعان ما تنهار خلية فرج الله الحلو وخطابها الثوري أمام العنف الميليشيوي.
يفهم “نظام” استحالة الحلول من خلال الإيديولوجيا والعنف الثوري و “حتمية النهاية المشرقة” للصراع الطبقي. يكتشف الحبّ، الحبّ المستحيل، حبّ جنان سالم الفنانة التشكيلية، الشريدة مثله، المبدعة، العطوبية، فريسة “نموذجية” لآلة مجتمع الحرب المدمرة. نهايتها رسمت لـ”نظام” نهايته.
فكرة جبور دويهي المقلقة هي أن لا وجود لحلول وسطية بين جماعات الهوية المسلحة و مجتمع الأفراد المتحررين. هؤلاء، في هذه الرواية، هم المهزومون.
وهو يرسم قطعاً من حياة الستينيين الذين قرأوه أو سوف يقرأونه، ويقول لهم: “حذار التكرار، لقد أوصانا ماركس أنه بقدر ما تكون المحاولة الأولى تراجيديّة، تصبح الثانية عند التكرار مهزلة!!”.