Press
February 22, 2011
Unprecedented boldness

Unprecedented boldness

Samar Yazbek, is one of these Syrian novelists who have been able to leave a firm mark on the map of Syria’s new novel. Since “Child of heaven”, through “Clay”, “Cinnamon” and, finally, “In her Mirrors”, she has managed to create for herself a special place, with the use of a diversity of writing techniques and by attending to issues with unprecedented boldness.

Samar weaves her novel’s space with the hands of an experienced weaver, an experience that is clearly apparent in her novel, published by Dar al Adab, Beirut in 2010, entitled “In her mirrors” (Laha maraya). In this novel, Samar roams through different writing techniques, ultimately creating a variety of atmospheres, which bring together legend, realism, religion and politics. No one dared crossing the threshold of such topics before, but Samar wings her way in with elegance.

Below the full article by Roula Hassan, “Lightly passing to great writing”, published by Al Safir daily, Beirut.
Translated with the help of translate.google (thank you google!)

:: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::

‎سمر يزبك في«لها مرايا»: العبور بخفة إلى الكتابة العالية

‎رولا حسن
‎سمر يزبك واحدة من الروائيات السوريات اللواتي استطعن أن يتركن بصمة ثابتة على خريطة الرواية السورية الجديدة. فمنذ «طفلة السماء»مرورا بـ«صلصال»ومن ثم «رائحة القرفة»، وأخيرا» لها مرايا»، استطاعت أن تخلق لنفسها استراتيجية خاصة عبر تنوع تقنياتها الروائية وعبورها مفازات بجرأة لم يسبقها أحد إليها.
‎تحوك سمر عالمها الروائي بخبرة الحائكة الفائقة وعنايتها ولعل هذه الخبرة ظهرت بوضوح في روايتها الصادرة عن دار الآداب 2010 بيروت ـ بعنوان» لها مرايا»، حيث تجوب سمر بتقنيات مختلفة مناخات جديدة تزاوج فيها بين الأسطوري والواقعي والديني والسياسي. مناخات لم يتجرأ أحد على عبور عتباتها لكن سمر تخطتها بأناقة عالية.
‎تبدأ «لها مرايا» من لحظة حاسمة في تاريخ الشعب السوري ولا سيما الطائفة العلوية. لحظة بالغة الحساسية هي موت الرئيس حافظ الأسد حيث بدا كأنه شيء غير متوقع لطالما ظن الكثيرون أنه لن يموت فعلا «ربما يصدقون أن ما يحدث حقيقة وهذا المدفع الحربي اللامع ليس لعبة أو زيا تنكريا لسلاح ما وهذه الحشود ليست مجرد أوامر للبدء بمسيرة تجعلهم يصيحون بأعلى أصواتهم» من الرواية.
‎بحساسية عالية التقطت الكاتبة الحدث ليكون عتبة الرواية والبوابة الكبيرة لدخول أحداثها بحيث تكون هي اللحظة ذاتها التي تخرج ليلى الصاوي فيها من السجن وهي ذات اللحظة التي يجلس سعيد ناصر فيها في بيته يراقب النعش, نعش من وقف في ظله وتحت رايته طويلا. «الرجل الذي كان مستعدا لحمايته بروحه وحياته إلى اللحظة الأخيرة « (ص 12).
‎تبدأ الرواية إذاً من النهاية: نهاية حكاية ليلى الصاوي بخروجها محطمة من السجن وخسارة حبها لسعيد ناصر ونهاية حياة سعيد ناصر العملية كضابط أمن سابق في ولاية رئيس يراقب نعشه يتهاوى وسط الحشود المبهوتة.
‎وحول سعيد ناصر وليلى الصاوي تبدأ سمر يزبك تشكيل كولاجها الروائي حيث تتضح شخصية ليلى عبر حكاية جدها علي الصاوي منذ نزوله من القرية إلى جبلة لتحقيق حلمه بالحصول على السمك ومن ثم نقله للسلاح أثناء ثورة الشيخ صالح العلي في جبال العلويين إلى اعتزاله في الجبل واعتكافه الدين مرورا بالحفيد علي الذي يخرج من السجن محطما تحت قبضة سعيد ناصر, وتحت تأثير فشله في إنقاذ أخته من بين أحضان سعيد ناصر يشنق نفسه ويحرق بيت الجد الذي يحوي رسائله إلى حفيديه والتي لا يطال جزءا منها الحرق منهيا بذلك أيضا سيرة الجد.
‎ثمة إشارة أخرى تضيء جانبا من شخصية ليلى الصاوي لعبة المرايا… المرايا التي ازدحم بها بيت ليلى الصاوي الممثلة «الغرفة التي تحولت إلى لعبة للمرايا… فالمرايا على اختلاف أشكالها لم تكن موجودة فقط في غرفة نومها بل كانت تتوزع في كل أنحاء البيت. تتوضع أغلب المرايا من دون ترتيب, ملتصقة بالجدران. المرايا الثابتة جلبتها معها من بيت جدها, مرايا قديمة بإطار معدني صدئ خبأتها من غرفة جدها أيام الطفولة وتظاهرت بأنها تحتاج لمرايا جديدة من أجل جدها, فكانت أمها تتأفف من اختفاء المرايا وتنتظر مرور البائع المتجول الذي يبيع الأمشاط البلاستكية والمرايا الصينية الدوارة ذات الوجهين، حيث تظهر انعكاسا حقيقيا في وجه واحد, وانعكاسا مكبرا في الوجه الثاني, وتشتري أمها المزيد من المرايا, وتخبئ ليلى المزيد أيضا».
‎هذا التأكيد لم تكن له سوى دلالة واحدة: احساس ليلى قبل أن تبدأ عملية الحكي بوجود أوجه كثيرة لحياتها: أوجه تشعر بها وتريد أن تتأكد منها بتعدد المرايا، ربما لتتأكد من أنها هي ذاتها في كل المرايا كما أرادت أن تتأكد وتؤكد أنها هي ذاتها في كل تلك الحيوات. وهذا يقودنا بطريقة ما إلى العنوان ودلالته. فالمرآة هنا معادل لحياة ولها مرايا برأيي مكافئة فيزيائية لـ«لها حيوات». ودخول سعيد ناصر وإلغاؤه لمرايا يلى واستبدالها بمرآة واحدة لم تكن سوى اشارة الى طغيان عالمه ذي اللون الواحد على حياتها التي أخذت تتوارى وتتبدد وراء دخان الغليون الممزوج بالمخدر.
‎وكأنها من خلال ذلك تريد أن تؤكد فكرة التبدد والعبث، وهي فكرة اشتغلت عليها سمر يزبك على طول الرواية «كل ما فعلته ليلى الصاوي وما تفعله من أجل فكرة الهباء نفسها وإخلاصها لحياتها السابقة لم يكن سوى إخلاصها لرغبتها في التبدد». وفي مكان آخر تورد الكاتبة على لسان ليلى بعد إدمانها المخدرات الذي كان إحدى الطرائق التي اكتشفتها للشعور بهذا التبدد.
‎أما الجد في إحدى رسائله فيقول «نحن غبار تلبسنا قمصان الأرواح». وهنا يكمن أحد أهم مفاتيح عوالم سمر يزبك الروائية التي اشتغلت يجد عليها في مشروعها الروائي.
‎أما سعيد ناصر فتتكون شخصيته عبر سيرة والده المدرس جمال العيسى القادم من انطاكية حيث تعلم هناك صنع الكنافة ثم يعود ليقتل زوجته وعشيقها. بعدها يلجأ إلى القرية الجبلية التي هي قرية الجد علي الصاوي ليتزوج بابنة أحد شيوخها التي تنجب له سعيد. يتضح عبر سرد هذه التفاصيل أن خلافا جليا كان بين الجد علي الصاوي وأبي سعيد ناصر حول أشياء تخص الدين والسلطة.
‎تقمصات
‎يلتقي الأحفاد في أماكن مختلفة وزمن واحد وفي حالات مختلفة: سعيد وعلي في مكتب سعيد ناصر: سعيد من حيث هو سلطة، وعلي في موقع الخائن، وذلك فقط لانتمائه لليسار المناهض للحكم في ذلك الوقت. أيضا تلتقي ليلى سعيد ناصر في حالة أخرى هي حالة الحب أو العشق إن صح التعبير، الذي عبر بوابته العريضة وتصاريفه الكثيرة ندخل عمق الرواية لنستمع جيدا الى ما أرادت أن تقوله سمر يزبك بالهمس حينا وبالصوت العالي حينا آخر.
‎عبر ليالي العشق الطويلة وعلى رائحة غليون سعيد ناصر تحكي ليلى الحكايات وتتقمص من جيل إلى آخر دور العاشقة لسعيد وهي تروي عبر هذه الحيوات تاريخ المذابح والتهجير الذي تعرض له العلويون عبر التاريخ منذ عهد السلطان سليم الأول حيث فروا من حلب وتحولوا إثر ذلك من رجال علم ودين إلى جماعات هاربة وهائمة في الجبال البعيدة بعد أن أحرقت كتبهم ومخطوطاتهم فلم تبق لهم إلا السرية ليحافظوا على وجودهم واستمراريتهم.
‎استدعت الكاتبة الماضي البعيد لخدمة حاضر الرواية الراهن بعملية قص ولصق خاطفة فوصلت بين الأزمنة بخفة من دون فواصل قاسية. فقد قسمت الرواية إلى فصول سمتها بأسماء توحي بطريقة ما إلى أزمنتها. فمثلا الجنازة ـ ليلى – أبو سعيد ناصر – قميصا ليلى وسعيد في الجبل ـ ماري ـ رسائل الجد ـ الغرام ـ في غرفة ماري – سعيد وليلى في الطريق…الخ. يوحي هذا التقسيم بتعدد الأصوات لكن ذلك لم يكن سوى إحدى حيل السرد لأن الكاتبة لم تترك الشخصيات منفردة تتحدث عن نفسها وإنما بقيت هي الراوي العليم الذي يعرف كيف يروي عن الجميع لأنه يعرف كل شيء عن الجميع بعملية أشبه بالماريونيت. لذلك فقدت الشخصية المروي عنها في بعض الأحيان خصوصيتها لأن الراوي لن يكون مهما حاول دقيقا في رواية تفاصيل العوالم الداخلية مثلما يرويها ضمير المتكلم أو الأنا إن صح التعبير.
‎تتوزع الراوية الكاتبة ضمن الكولاج الروائي لتلملم شتات حكايات تلك الروح الهائمة عبر حيوات مختلفة، وإن بدت ليلى الصاوي – هي زوجة جمال العيسى التي ماتت أثناء مجازر العلويين في حلب وهي نفسها التي ماتت بسكين زوجها الذي خانته ـ في حياتها الحالية أكثر وضوحا من حياتيها في الجيلين السابقين. وهي عبر هذا السرد تلملم شتات الشخصيات عبر علاقتها بالعالم والآخرين حيث أمست هذه اللملمة مركز الكتابة الروائية عند سمر يزبك في «لها مرايا».
‎ومن خصائص هذا الكولاج الروائي تقطيع الزمن وتركيبه تركيبا بعيدا عن خطية الحكاية العادية وإن بدا زمنا دائريا. فقد بدأت الرواية بمشهد خروج ليلى من السجن ومراقبة سعيد لموكب جنازة الرئيس الراحل وانتهت بمشهد آخر يضمهما معا من دون أي نهاية محددة هي في طريقها إليه من دمشق وهو باتجاه دمشق ليكون في عزاء من أحب وأخلص ومن دون أن يشعرا وذلك من دون أي نهاية محددة، بل تركتها مفتوحة بإشارة غير واضحة إلى نهاية ما، ليتضح لنا أن كل ما روي واستعيد من أزمنة وحيوات وتاريخ انحصر في يوم ونيف ما بين خروج ليلى من السجن وذهابها إلى ماري ومن ثم رحيلها باتجاه سعيد ناصر.
‎حققت «لها مرايا» إيقاعها الخاص عبر دخول الشخصيات مسرح الرواية وخروجها منه ومدى التوازن الذي تحقق في ذلك وكذلك عبر توزيع السرد والحوار والعرض الذي تم عبر لغة تميزت بمستوياتها المختلفة.
‎يظهر في» لها مرايا» تركيز الكاتبة على ما يسمى «الشخصية الفكرة»، ذلك أن الشخصية تظهر لتعبر عن فكرة ما كما توحي شخصية كل من: ليلى الصاوي ـ الجد ـ الحفيد علي ـ سعيد ناصر …الخ، التي تظهر كل منها لتوحي بشيء أو لتشبه صوت الضمير الداخلي فلا يراد منها تاريخ شخصي ولا تكوين ذو ملامح .
‎في «لها مرايا»، لا تؤرخ سمر يزبك لكنها تستدعي الذاكرة التاريخية لخدمة راهن الرواية كما استدعت تقنيات كثيرة كالفلاش باك – الكولاج ـ القص واللصق… الخ، غير مهتمة بانتماء هذه التقنيات الى عالم الكتابة، لكنها لعبت لعبتها بتسخيرها بكل الرضا لصالح خدمة مشروع الكتابة الروائية متخطية عتباتها العالية بخفة.